السبت، 8 يونيو 2013

الوسواس القهري



 الوسواس القهري هو عبارة عن أفكار متكررة أو أفعال أو طقوس أو نزعات أو خيالات غير مرغوبة وليس لها معنى، ويحاول الإنسان أن يتجنبها أو يتجاهلها أو يكبحها لأنها سخيفة، ويعترف الإنسان على أن أفكاره الوسواسية هي من نتاج عقله وليست مفروضة عليه أو من خارج العقل، وهذا جزء مهم جدًّا في التعريف، لأن المرض العقلي يشبه الوسواس القهري في بعض الأحيان، ولكن صاحب المرض العقلي لا يعترف أن الأفكار هي من نتاج عقله ويكون غير مستبصر ويعتقد أن هذه الأفكار قد يسلطها عليه أناس آخرون، وليست ناتجة من عقله أو من تفكيره، ويكون الإنسان غير مرتبط بالواقع.

 إذن الوسواس القهري هو حالة عصبية وليس حالة عقلية أو ذهانية وهو يأتي تحت ما يسمى بالقلق النفسي، والإنسان تتسلط عليه فكرة أو يكرر أفعالاً أو تكون هنالك أنواع من الطقوس أو الخيالات وفي بعض الأحيان تكون هنالك اجترارات متكررة.

 أحد أمثلة الوساوس القهرية - على سبيل المثال – تأتيه نزعات متكررة أن يقتل ابنه الذي يحبه، ويحاول هذا الأب أن يتجنب أو يتجاهل أو يكبح مثل هذه الأفكار أو النزعات ويحاول تخفيفها ويعلم أنها سخيفة وتسبب له الكثير من الألم النفسي أو الانزعاج ولكنها مفروضة عليه.

 ومن حسن الحظ أن صاحب الوساوس من هذا النوع لا يتبعها ولا يقوم بتطبيقها أو أدائها، وهنالك أنواع كثيرة جدًّا من الوساوس أو الدفعات القهرية، فهي سلوكيات متكررة وغير هادفة وتتم كاستجابة للوساوس.

 وهنالك وساوس شائعة منها الوساوس ذات المنشأ الديني وهي كثيرة جدًّا، مثل الوسواس حول الوضوء وحول الطهارة وحول الصلاة وحول الذات الإلهية، فهذه الوساوس متكررة وكثيرة جدًّا.

 ومنها أيضًا وساوس عدم التأكد، فعلى سبيل المثال يقوم الإنسان بإغلاق الباب وبعد أن يذهب يأتي ليتأكد ثم يأتي ليتأكد وهكذا، هذا أيضًا نوع من الوساوس القهرية.

 ومنها أيضًا وساوس الخوف من الأوساخ، فتجد بعض الناس يغسل يديه عدة مرات خوفًا من الأوساخ، ورأينا من حدثت له تقرحات في يديه من كثرة الغسيل، وبعضهم يحاول أن يصل لمرحلة التعقيم الكامل.

 هذه كلها وساوس قهرية وليست أمراضًا عقلية.. والوساوس تكون مصحوبة أيضًا بالاكتئاب في بعض الأحيان وبالتوتر.
 أما بالنسبة للعلاج فالعلاج الآن أصبح متيسراً لدرجة كبيرة، وسبعون إلى ثمانين في المائة من مرضى الوساوس يستجيبون بصورة جيدة جدًّا.

 فهنالك ما يعرف بالعلاج النفسي أو العلاج السلوكي وهو علاج بسيط ولكنه مهم جدًّا وهو أن يتعرض الإنسان لمصادر الوساوس ولكن لا يتبعها مطلقًا، فعلى سبيل المثال: الذي لديه وساوس الخوف من الأوساخ نقوم في بعض الأحيان بوضع أوساخ معينة على يديه ونمعنه من أن يغسل يديه لمدة عشر دقائق أو ربع ساعة ثم بعد ذلك نعطيه كمية بسيطة جدًّا من الماء ويجب أن يعرف ذلك ليقوم بغسلها.

 إذن: المبدأ العام هو عدم اتباع الوساوس ومقاومتها ومحاولة استبدالها بأفكار أو أفعال مخالفة، وهي بالطبع تتطلب الصبر وفي نهاية الأمر يعتبر هذا العلاج السلوكي ناجحًا جدًّا.

 وهنالك علاجات دوائية، الآن معظم أدوية الاكتئاب الحديثة تساعد أيضًا في علاج الوساوس القهرية بصورة ممتازة جدًّا، والأدوية تتطلب أن يتناولها الإنسان بجرعة صحيحة وتحت الإشراف الطبي.

 لا شك أن عدم الانتظام في تناول الدواء أو نسيانه سوف يعطل من مسار العلاج، ولذا ننصح دائمًا بالالتزام بالدواء، فالأدوية الحديثة هي غالبًا تكون جرعة واحدة، بمعنى مرة واحدة في اليوم، فالإنسان يمكن أن يثبت وقت تناولها وهذا سوف يساعده كثيرًا.

 إذن نسيان الدواء أمر غير مرغوب لأنه يؤدي إلى تعطيل عملية الشفاء، وأيضًا الإنسان حين لا يتناول الدواء بانتظام يولد نوعاً من المقاومة في أطراف الأعصاب فلا تستجيب للدواء بالصورة الصحيحة، ونركز على الحرص على الدواء، وأفضل علاج هو العلاج السلوكي ومعه العلاج الدوائي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق